| 1 التعليقات ]



مبارك السمان  : فايس بريس
مائة يوم من عمر أول حكومة سياسية منبثقة من إرادة الشعب المغربي كفيلة برصد الاتجاه الذي اتخذه مسار الإصلاح المعتمد من طرف الحكومة الإسلامية ، هذه الحكومة التي أبانت عن قدرة عالية في معالجة كل الإشكاليات رغم العراقيل واضطلعت بالدور المنوط بها في حسن تنزيل الدستور الجديد وإخراج الحكامة من منطق التحكم الذي كان سائدا من قبل .
مرت ادن مائة يوم من عمر الحكومة مدا تحقق ؟ كيف تعاملت الحكومة مع الملفات الشائكة ؟ وكيف يمكنها تصفية الإرث الثقيل الذي ورثته من سوء تدبير الحكومات السالفة؟وما هي العراقيل والمعوقات التي واجهتها الحكومة؟ أقول بأن المائة يوم غير كافية لتقييم عمل الحكومة نظرا للمرحلة الغير مستقرة التي رافقت تنصيبها والتي فرضت على الائتلاف الحكومي إعادة تثبيت الأمن واسترجاع هبة الدولة ،المرحلة عرفت أيضا صراعات شتى ، بين الأغلبية فيما بينها من جهة وبينها وبين المعارضة من جهة أخرى وبينها وبين أطراف سياسية أخرى من جهة ثالثة.
أولا : صراعات داخلية والتي يمكن أن نسميها بمعارضة الوزراء.
تمثلت في بروز تيار معارض لسياسة الإسلاميين  من داخل الأغلبية ودالك بانزعاج واضح لوزراء باقي الأحزاب المشكلة للتحالف من شعبوية وزراء العدالة والتنمية الذين خطفوا الأضواء بنهجهم أسلوبا لم يكن سائدا من قبل، الشيء الذي أدى إلى تقسيم وزراء الأحزاب الأخرى إلى تيارين ،تيار يحاول تقليد سلوكيات العدالة والتنمية وتيار معارض يرى في دالك خروجا عن المألوف مما أدى إلى بروز تصريحات وتصريحات مضادة لعل من أبرزها رد وزير السياحة على كلام الرميد في لقائه مع بعض شيوخ السلفية في مراكش حيت قال بأن أغلب الناس يأتون إلى مراكش ليعصون الله،الكلمة والتي حملها سياق الكلام فقط لم تشفع له عند زميله في السياحة حيت سارع لحسن حداد إلى التأكيد بأن قطاع السياحة شأن يخصه ولا دخل للرميد ولا لغيره فيه ، لكن السيد وزير السياحة يعرف تمام المعرفة أن وضع السياحة في مراكش لم يعد يخفى على أحد ، فمراكش الحمراء بمبانيها والعريقة بحضارتها أصبحت ضيعة الفساد المسكوت عنه ومرتعا لدور الدعارة الراقية من فئة خمسة نجوم إلا من رحم الله.
وعلى غرار لحسن حداد لم يفوت زميله في الشبيبة والرياضة صاحب نظرية ألفيفا ستعاقب المغرب إن كشف عن راتب غيريتس - لم يفوت الفرصة للرد على الخلفي وزير الاتصال الذي دعا إلى القطيعة التامة مع مظاهر التسيب والفوضى الذي يشهده إعلامنا السمعي البصري ومنع بث الإشهار المتعلق بألعاب القمار بقنواتنا العمومية التي تمول من جيوب المواطنين ،هذه المبادرة التي أتت في إطار دفتر تحملات يراعي خصوصيات الأمة المغربية ويحافظ على أصالتها وتنوعها والذي استحسنه الجميع واعتبره الشعب المغربي خطوة إلى الأمام في سبيل الارتقاء بإعلامنا ليجسد الطابع العربي الامازغي الإسلامي المغربي المتميز ، لكن السيد وزير الشباب يرى في هذه المبادرة عكس دالك ويشاطره الرأي بعض التيارات المتنسونة والراديكالية ، ووصف قرار وزارة الاتصال بالسطحي وقال بأن الخلفي ليس فقيها ولا مفتيا يحلل ويحرم ونسي نظريته البائدة والتي استغربتها مصادر من ألفيفا ونفت دالك جملة وتفصيلا في صفعة قوية تلقها وزير لم يكد يكمل شهره الأول أنداك على رأس وزارة الشبيبة والرياضة.
ثانيا : الصراع بين الأغلبية والمعارضة أو المعارضة من أجل المعارضة.
هدا الصراع الذي نعتبره طبيعيا لكون التحالف الحكومي فرق بن إخوان الأمس القريب مما أدى إلى إحساس بعض الأحزاب في المعارضة بنوع من العزلة ، واصفة التحالف الحكومي بالهش والهجين وانتقدت بشدة تراجع ما أسمته بالتمثيلية النسوية في الحكومة الملتحية وألقت اللوم على إخوان بنكيران رغم المعرفة المسبقة للمعارضة بان أغلب من تطبل لهن بالمشاركة في الحكومات السالفة لم تفرزهن صناديق الديمقراطية المنعدمة داخل هده الأحزاب وإنما كانت نتيجة صبغهن بألوان أحزاب ودمجهن بقوة مرنة داخلها ولم يكن يمارسن السياسة داخل هذه الأحزاب أما السيدة الوحيدة في الحكومة فقد جاءت لكفاءتها وليس لأنها سيدة وكنتيجة أيضا للمسطرة المعمول بها داخل حزب العدالة والتنمية والتي تفتقدها باقي الأحزاب لا في الأغلبية ولا في المعارضة وهدا ليس دفاعا عن حزب العدالة والتنمية ولكن من منطق قول الحق ولو كره الكارهون.
وقد عرفت الحرب المعلنة من طرف المعارضة على الحكومة أوج شراستها في الأيام الأولى من عمر الحكومة  نظرا لهول الصدمة الجاثية على قلوب المعارضين ، واستعملت في دالك كل الوسائل المتاحة وتخللت المرحلة تصريحات واتهامات من هنا وهناك بنعوت لا تليق بمستوى المعارضة التي ينتظرها الشعب المغربي واتخذت في بعض الأحيان أسلوبا سوقيا لا يمت بالسياسة ولا الأخلاق ولا الأعراف بصلة.
هذه الهجمة الشرسة والغير مبررة من طرف المعارضة والتي استعانت فيها بكل التيارات المعادية للتوجه الحكومي الجديد من منظمات نسائية كان الهدف منها إثارة الشارع وعرقلة المسار الجيد الذي اتخذته الحكومة في تدبير شؤون البلد وتنزيل محكم لدستور الفاتح من يوليو الذي صوت عليه المغاربة لتجديد الثقة في المؤسسات وربط المسؤولية بالمحاسبة والتي لطالما كانت محط أخد ورد بين جميع مكونات المشهد السياسي من قبل.
ثالثا : معارضة جهات خارجة عن المشهد السياسي.
هذه الجهات دأبت على مر عقود من الزمن بتحريك ذيولها كلما أحست بفشلها، واستغلت الشارع العام لاستعراض عضلاتها في صراع دموي شهدته عدة مدن بالريف كان أخرها أحداث تازة وبوعياش التي حملت بصمات واضحة للعدل والإحسان وبعض التيارات اليسارية الثورية التي ركبت على موجة احتجاجات اجتماعية صرفة ، وحراك اجتماعي لتحوله إلى عراك سياسي دموي اتخذ مسارا خطيرا لولا الألطاف الإلهية ويقظة الأمن والمواطنين والمجتمع المدني بالمنطقة لحصل ما لا يحمد عقباه.
هذه الحملة استعملت فيها أيضا كل الوسائل المتاحة من كذب وتلفيق للتهم مرورا بإقحام جهات عليا في الإحداث إلى التضليل الإعلامي الممنهج والذي قادته عدة أبواق إعلامية تابعة لهدا التيار، خصوصا الاليكترونية منه والتي ضخمت الأحداث لحاجة في نفس يعقوب بغية خلق بؤرة توتر في شمال المملكة لإعاقة أي تقدم في المسار الجيد لعمل الحكومة الجديدة.
إن دور المعارضة في المائة يوم من عمر الحكومة شهد ارتباكا واضحا غلب عليه منطق التسرع وتلفيق التهم والأحكام الجاهزة ،ففي الوقت الذي يسعى فيه المغرب ملكا وشعبا إلى إماطة الأذى عن طريق الحكومة الجديدة فهناك من دأب على زرع الأشواك في الطريق، فالطريق ليست مفروشة دائما بالورود ، وكما أن هناك قطاع طرق لصوص ، فهناك قطاع طرق متربصين بالإصلاح ومتعطشين لزمن التحكم والفوضى ، وهم من كانوا بالأمس القريب في دوائر القرار وهم من أوصلونا إلى ضفة الخراب ، فأقول لهم فكما أعطيت لكم الفرصة  فلم تؤذوا العمل على الوجه الذي يرضي المغاربة، فاتركوا الفرصة لغيركم لننظر مدا سيعملون؟ فكفى من الانتقاد الذي لن يزيد إلا نفور المغاربة منكم ومن أفكاركم بعد عقود خلت من إمساككم بزمام الأمور وإدارتكم لدواليب الشأن العام وليس مائة يوم فقط ، فاستقيموا يرحمكم الله.
إن الرهان الأكبر على الحكومة اليوم هو التنزيل المحكم لمقتضيات الدستور الجديد، من اجل تحقيق التنمية المنشودة والعمل على إعادة ثقة المواطنين في المؤسسات، ودالك لن يتأتى إلا بتضافر جهود كل الفاعلين في الحقل السياسي حكومة ومعارضة ، وعلى هذه الأخيرة الاضطلاع بالدور المنوط بها والاهتمام أكثر بمشاكل المغرب والعمل يدا في يد على تجاوز المرحلة بدل إثارة الفتن والقلاقل ، فالمغرب يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى معارضة مواطنة بناءة عوض وضع العصا في العجلة الذي تمارسه بعض الأحزاب التي فقدت عذريتها وأصبحت تمارس العهارة السياسية في الشارع العام.
وعموما يبدو أن المسار اتضح ألان للجميع أغلبية ومعارضة ، فنحن ركبنا سفينة الإصلاح والذين تخلفوا فقد غرقوا وانتهى أمرهم ،وألان إن تركنا هؤلاء المداهنين ليخرقوا سفينة الإصلاح هلكنا جميعا ، فالحكومة ملزمة بمراعاة حسن سير الإصلاح الذي جاء به الدستور ، والمعارضة بما يتيح لها الدستور يجب أن تكون قاطرة جديدة للمساهمة في بناء مغرب الغد ، والكل مدعو لإنجاح هذا الاستثناء المغربي كما أراد له قائد الثورة المغربية جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.

1 التعليقات

Entrümpelung يقول... @ 17 أبريل 2012 في 2:36 م

الله يحمى بلادكم وبلادنا وسائر بلاد العرب والمسلميين ... :)

إرسال تعليق

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها